المشاركات

عرض المشاركات من 2014

أنتَ، وعام جديد

صورة
مرت سنة، كُنت خلالها أنت بطل حياتك فيها، أو اخترت دوراً ثانوياً فيها... لا يهم، هناك ما يكفي من السنوات أمامك، حاول أن تنتزع حقك منها، وعشها بكل تفاصيلها المؤلمة والحزينة، المرحة والسعيدة. يجب على المشاهد القادمة أن تكون أكثر جمالاً مما سبقها، لم تعد مراهقاً، ومسؤولياتك –مهما كثرت وتكاثرت-خفيفة اليوم... كخفة ورقة تتوالى عليها الكلمات من قلم القدر الذي تمسك به، محاولاً أن تجره كما تريد بيديك المشلولتين أحيانا، والحرة أحيان أخرى، فعلى الله أن يغير سُنن لعبتك المُفضلة في المرحلة الابتدائية "انسان، جماد، حيوان، بلاد" لتختار كلماتك، أو أن تُغير أنت ظروفاً -أنت تملكها-. توالي الكلمات يَخلُق لك الحاجة لصفحات أكثر، وأكثر، ثم أكثر... حتى تصبُح كتيبا، وكتاباً، ثم مجلدات تضطر لحملها أينما ذهبت، فاجعل حروفها تنساب زلالاً على عين القارئ –أنت-، واعتمد على كل فصل لجعل القادم أكثر جمالاً ... ولا تجعل ظهرك ينثني لمجلد تتكرر صفحاته وأحداثه. السماء لم تزل مكانها، وكلما كبرت يعلو المستحيل، وترى سماءك تبتعدُ عنك، يَلبسُكَ الشعور بعدم حدوث شيء مهم، فتعود للنوم، ثم تستيقظ على صوت اسعا

هُدهُد

صورة
اتذكرُ جيداً ذلك الصباح الذي وقفنا فيه ننتظر باصاً قديماً، يَتوسطه خطٌ أخضر، ويقوده رجلٌ طاعنٌ في السن لا يتوقف عن التدخين. الشتاء يُرجفُنا برداً، وبُخارُ زفيرنا يتحول لذرات ماء تظهر على صورة سحابة أو ضباب من الفم . حَطَ هُدهدٌ أمامنا، رقبته ذهبيةٌ كخيوط الشمس، وجسده مخطط بالأبيض والأسود، يحملُ تاجاً ذهبياً... لم تتردد أن تُشير إليه بفرح وأنت تُقسم بالله: "التاج هذا مصحف، شفته يقرأ قرآن ذاك اليوم". صِغرِي لم يغفر لك كِذبتَك، نظرتُ لك باندهاش، وبسمةٍ من تهكم لم يفهمها عُمرك... وربما فهمتَها ولكنك فضلتَ الحفاظ على ماء وجهك . ********************* اليوم، أرى هدهداً وأنا في طريقي للمسجد، يحملُ فوق رأسه مصحفاً -كأي واحد منا-، وكأن لكل هدهد مصحفه الخاص، وحقيقته الخاصة التي يُريد .

ذاكرة سمكة

صورة
أقفُ الآن في الحديقة بجانب البحيرة، عليها لافتة باسم "حديقة العلوم"، ويسميها الطلاب حديقة العشاق، إلا أنها مكان لعزلةِ جميع أولئك المعتادين على المشي للأماكن الخالية. العشاق، والباحثون عن العشق جزء منهم، وبعضهم الآخر يعتقدون بأنهم لا يستحقون الحب حتى من أصدقائهم. يُضاف عليهم المشائين في الطرقات لمحاولة نسيان قطعة صغيرة من الماضي تضغط على صدورهم، وحياتهم . حقيبتي كعادتها، على ظهري، وفي يدي كيس بسكويت وعلبةُ حليب، وبداخلي شعورٌ كبير بالحرية المؤقتة قبل بداية جدولي اليومي. على الكرسي الذي على يميني فتاة تتكلم في هاتفها النقال، ويقابلني على الضفة الأخرى من البركة كرسيٌ مهجور، ورصيفٌ لا يفرغُ من المارة، فهو الممر بين الجزء الغربي من الجامعة وعدد من السكنات الداخلية للفتيات. على اليسار شابٌ يسرحُ بنظره في البركة الراكدة، راهنتُ البركة بنصفِ كيس البسكويت بأن الشاب قادرٌ أن يحرك شيئاً ما داخل البركة –أي شيء-بحدة نظره، أمعنتُ النظر في البركة آملاً بأن ألحظَ أي حركةٍ غير طبيعية فيها. فجأة، يحدثُ اضطراباً للماء بالقرب من الضفة التي أجلسُ عليها، أرجعُ ببصري للشاب لأجدهُ قد بارحَ

رصاصة

قُبيل الفجر والله تجلى من شُباكِ شُرفتِنا كان الزنادُ تحتَ سبابتي لكنني .. لم أُطلق رصاصةً فهذا الليلُ يجري وحدَه والموتُ لا يحتاجُني تركت حبيبتي عند قرآنٍ على لحنِ الصَبا يُتلى كانت تلكَ البداية وما بعدها إعادة كُنتُ مشهوداً لا شاهداً لا فجرَ بعد موتي تَجلى وكأن الأرضَ شُقت والسَماءُ في بطنها أدبرت فصرتُ بما كسبَ الزمانُ رهينة أخوضُ في نفسي مع الخائضين عَبستَ يا قلبُ من فجرٍ تَولى لم تَجِد فيه غيرَ الصَبا وروائحَ الذكرى وشمساً تُصارعُ الميلادَ -غداً تَعسَر -

عزيزتي أُختي

صورة
عزيزتي جنان .. أكتب لك وأنا بعيدٌ عنك، وأنتِ طفلة صغيرة لم تتجاوز سنتها الثالثة لتتهجأ هذه الرسالة ... أتجه الآن لغرفة النوم من دون أن أجرُ أيُ أحد إليها لينام معي، المكان هادئ، ومُرتب بصورة مُريبة. طالما شعرت بأني ابن الفوضى في هذا الكون، وكذلك يجب أن تكون غرفتي، ولكن صديقي في الغرفة يرفض فوضاي، ودائماً ما يحاول اجباري على اتباع ارشادات تضمن نظام الغرفة. لقد رتب هذا "المُنظَم" الغرفة، وتركَها ليعود وينام في بيته -حيثُ أمه وجنة دنياه -. أطفأتُ الضوء، وتوجهت للسرير، لم أجد صعوبة للوصول إليه بسبب خلو الأرض من كل شيء عدا سريرين في زاوية الغرفة، صعدتُ السرير برجلي اليمنى وقلت: "يا أناي، إني أسألُك صُحبتَك" ... ذكرت نفسي لأنني أشعر أحيانا بحضرة أحدهم معي في الغرفة الخالية من الأصدقاء، أحسُ بوجود "أنا الآخر" تحت السرير، أو في 'الكبت'. وأظلُ كذلك حتى أتوحد مع ذلك الآخر في جسدي، وبعد ذلك يحتلني الشعور بأنني مُسجى ووحيد في هذه الغرفة الواسعة. الظلام يُحيط بي وكأنني في فراغ ممتد لا نقطة نور لنهايته، ولا يدٌ يسرى صغيرة لتلتف على رقبني، وتنتشلني من هذا

فراغ

صورة
ولدت البشرية في أحضان وجودٍ سَلَمنا له أمرنا، وغمرنا السلام معه لأن أحداً لم يرى نهايته حتى الآن، واتخذنا منه زاوية لبناء المُدن ومستعمراتنا، وقبل بضع مئات من السنين كنا نعتقد بأن الانسان هو مركز الكون، وكل شيء يدور حولنا، أي أننا المُطلق، وما دوننا هو النسبي، حتى بَدت لنا سوءتنا بالعلم الحديث، وثَبت أننا لسنا أكثر من حبة رملٍ تسبحُ في الفراغ. وداخل هذا الحيز الموجود -في الفراغ- تفرقت البشر لدول وقبائل وقرى وعوائل وأفراد، وبسبب هذا التقسيم خَلقنا فطرة في ذواتنا وهي تصنيف الأشياء الموجودة بأشكالها وصفاتها وملمسها، وأصبحنا عاجزين عن لمس ما لا نستطيع تصنيفه وفق المنظومة التي أوجدناها –لأنها الوجود-.. مثلا إذا كنت في حديقة الجامعة، وبدى لي مخلوق غريب، يشبه البشر لكنه أقرب لمخلوقات هوليهوود الفضائية، مخلوق يفتح فمه ولا يغلقه إلا عندما ينطق حرف الباء أو الميم أو الفاء في مجتمع شبيه بمجتمعنا نغلق فمنا ولا نفتحه إلا عندما ننطق باقي الحروف. يختلف هذا المخلوق معنا في عادة سائدة، وعامة، ومن الطبيعي أن نوجد له تصنيف مختلف عن المجموعات المتعارفة معنا، ونضعه فيها –لأنه صار موجوداً-، وغالبا ما

سيجارة، تحت السد

صورة
تحت جدار سد الخوض الذي لم يسلم من التشكيك بقوته عند أول قطرة ماء تنزل من السماء على وجه طفلة باسمة ... جلستُ، مع صديقي المُدخن. لا أُخفي أحدا حجم اشمئزازي وشعوري بالحزن على كل سيجارة تموت بدون قضية، لذلك يجب عليَّ أن أغفر لصديقي كل سجائرة الميتة تحت قدميه، فكُل سيجارة تُمثل فكرةً شاردة من شعر رأسه، يُقربها من شفتيه استهزاءً بالعالم، ويأخذ رشفةً من دخانها محاولا البحث عن فكرته فيها –لا يجدها دائما-، ثم يُطلقُ دخانه في الهواء بيأسٍ ليلحق فكرته بالدخان، ويعكر صفاءها. وحتى أُخلي مسؤوليتي أمام الله، والعالم، طلبتُ منه مرةً وحيدة أن يترك التدخين.. - على العالم أيضا أن يكف عن قيادة السيارات، فغاية الوصول لا تُبرر كونها السبب الرئيس للوفيات في أمريكا واستراليا وعُمان والكثير من دول العالم المُتقدمة، والنامية ! (يُجيب). فتشتُ عن شيءٍ أقوله، فلم أجد إلا نجمة بعيدة أنظرُ لها، فقلت:  - نعم! نعم! فعلى الأقل ... سيسمعُك العالم رقما مُضافا لضحايا التدخين، وستظل كلحن البحر المأسور في صدفة، يترنم بك الراقصون على هياكل المدخنين. - لكن ... لكن جميعُنا هياكل لذلك المسرح، لأننا محس

نَغَم

صورة
في مساجد الكويت، تتناغم الأصوات مع الحركات لتَأخذ قلبي لله، لم أسمع نشازا واحدا من الكويت حتى الآن، حتى تلك الطفلة، تمشي في الأنفينليوز بخطوات وصفقات متناغمة. ورجلٌ مُسنٌ على كرسيه، مُحاط بالأطفال، يُسلمون عليه ويُقبلون يديه ورأسه برقصةٍ وألحان تُطمئن المُسن بخلود اسمه. أو  ... ربما أنا الذي لا يرى النشازات هنا، النشازات التي تُبقيني مستيقظا في صلاة الفجر، وأخطاء الخطيب النحوية الطاردة للنوم، وصَرَخات عصفورٍ في يد طفل، وصوت دجاج الحظيرة عندما أعطى الدَجَان للديك حق التصرف في (السبوس) والماء. في حفلة ناي البرغوثي، بمسرح متحف الكويت الوطني، انتبهت -خلال ساعة ونصف دون نشاز- أني أصبحت جزءً من جمال صوتها، وجدت نفسي بعد الحفلة واقفا على الكورنيش الممتد بجوار شارع الخليج العربي، أضحك، أُجن، أصرخ، أصمت، أمشي،وأركض، اتذكر نفسي، وأنساها. الجمالُ كأسٌ بلون العنب، والنشاز رشة ماء على الوجه. ------------ الصورة من حساب المجلس الوطني للثقافة والفنون بالكويت على تويتر .

شفقٌ لا يَغرب، في الطائرة

لا يمكن أبدا لهذا الطفل، حرامٌ عليه أن يتجاهل سلامات الأطفال اذا كبر. قضى طفولته يُرسل سلاماته مع الطائرات، لم يلتفت له أحد من الركاب، ولم تصل سلاماته لأحد، حتى يئس، ولم يعد يلتفت للطائرات واليوم، يُبادل ذات الطفل دوره مع الأطفال، يطيرُ في طائرة، والأطفال على الأرض، يُلَوحون له، ولا يراهم. ولكن... يجب أن أعذر نفسي والمضيفة عن حمل السلامات، فالأطفال بعيدون، والمضيفة مشغولة بخدمتي بأكواب القهوة والعشاء، وقفت تنتظر مني ما تبقى من العشاء، وأنا شارد الذهن والبصر مشغول بالخارج بحثا عن الأطفال، ومتأملا للأرض. ضرب رفيقي على كتفي -يُنبهني بقدومها-، نظرت لها وقالت: - عفوا، هل أنتهيت من العشاء ؟! - نعم ، نعم ، تفضلي. - اعتذر، اضعت عليك تأملك للنجوم. -النجوم هنا في الأسفل. - هل تقصد أننا نُحلق مقلوبين ؟! هذا كلام مُخيف. -نحن نُحلق كالعادة، لكن النجوم هنا هي المُدن، والسماء هي الأرض الآن. ذهبت بابتسامتها التي لم تفارقها مُنذ رؤيتنا، وبقيت مكاني، شاخصا بصري للأرض، وأسأل الله مُضيفةً في الحياة. الشفق لم يغرب، منذ اقلاعنا من مسقط في السابعة مساء وحتى موعد هبوطنا في الثامنة والن

كويت ما بعد العاصفة.

عاصفةٌ تجوب المحيط بحثا عن فريسة، لا تُفرق بين ضحيةٍ هنديةٍ أو عمانية، كل الأجناس متساوية أمام الطبيعة .. سيفهمني العُمال النائمون تحت ظلال الأعمدة والأشجار في ظهيرة عُمان، وسيفهمني العُماني النائم في أحد مستشفيات الهند باحثا عن أكسير يعيد له ما اقتنع به من الصحة ... سيفهمني الحالمون. كُل الأشياء ستبدو ضعيفة أمام الريح، تكسرُ آلية الحياة، وتَغرسُ الفوضى في نفس الفريسة .. العاصفةُ هي السفر من الروتين لشيءٍ جديد لا يحدث دائما، ورجفةُ النظام المُتغطرس على الواقع الفوضوي، هي من خَلقت اختلاف الناس على الأسماء التي علمها الله لآدم  هيَّ التي حررتنا من الطريق. . دخل أبي الكويت مرةً وحيدة، مع العاصفة، قبل ولادتي بسنة، لا أدري لماذا سُميت بعاصفة الصحراء*، ربما لأنها أخذت أبي، وكان بإمكانها أن تمنع وجودي. أَمْرُ العَاصفةِ يعنيني، ويجب أن أكون هناك، في أي زمان، لأرى الأرض التي كان بإمكانها منع ولادتي. أعرف عن الكويت ساعة الصفر في يناير 1991 ، كانت أشبه بالـ.. الحرب، الساعة السادسة فجرا، كانت اللحظة، السماء تمطر نجوما على المواقع العراقية في الكويت. جنود يرون من يقتلون، وجنود ينفذون

صراع صباحي

-يا الله، كيف لي أن استجيب لنداء هذا الدكتور كما يستجيب أنفي للروائح الكريهة ؟! لماذا يشغلني هذا الدكتور بالهرب منه ؟! .. سحقا، لا شيء يستحق الصحو.. سأحلم أنني بعيدٌ عنهم -هؤلاء الذين يعيدون انفسهم كل اربعة اشهر -. سآكل أصنامهم كلما جعت، تماما كما يفعل كل أصدقائي الذين يتأخرون في حضور مادة "الادارة". سأعبس وجهي، في وجه الجميلة التي ملأت صديقي ألما بتجاهلها، حتى أُذكرها بسن الخامسة والأربعين. سأُصغي إلى لحن تعفن قلب زميلي، ينام على صوتها، وينهض في حضن فتاة أخرى. سَأُناهض مع القبيحات، لتحقيق العدالة السماوية. سأبتسم لخيباتي، فالبؤس، كُل البؤس، نكتة. سأهتم بالتفاهات، فلا هي المهد، ولا هي اللحد. سأنظر إلى نفسي، بوضوح، لحظة حماقتي. سأشنق بعض أحلامي، مثل .... ونمت !!

كُمَة التخصص

صورة
http://n-alwelaya.com/up/download/9c5e92ca68.html يأتي على بال بعض الطلاب في التخصصات العلمية بأنها لا تناسب ميولهم أو تطلعاتهم، كنت أشعر بنفس الشعور في فترة سابقة، أي قبل أن أنغمس في عمق تخصصي -أنظمة السيطرة والتحكم - . كأي "كمة" لبستها كان دخولي كلية الهندسة، لم يفرق بينهما سوى من يختار ما ألبس. أنا لم اختر أي لون لـ"كمة" لبستها حتى الآن، أمي وصلاح أو أبي هم من يختاروا، على الرغم من أن أغلبها عبارة عن هدايا ليأسهم من تفكيري في شراء "كمة". التخصص كذلك، اختاره المجتمع، الهندسة والطب هما أول الخيارات المحبذة في المجتمع العماني، هم من يريد رؤية الكمة فوق رأسي، وهم الذين يريدونني أن أصبح مهندسا . وللأسف الشديد، لم تكن لسياسة الجامعة التعليمية أي اشارة لوضع أي مبادئ تأسيسية لتخصص الطالب، كنت تائها، خاصة بعد أحداث ربيع 2011 ، كانت الأزمة فرصة لمراجعة النفس والوقوف عند الكثير من النقاط الدائر حولها المجتمع. البوصلة تائهة، والاتجاهات ضائعة. صحوت وأنا في هندسة الكهرباء والحاسب الآلي، لم أختر التخصص، هو من اختارني، كان ثاني خياراتي بعد هندسة المي

الغضب

الغضب، مثل ولادتك أو موتك، لا تختاره أنت، بل هو الذي يختارك من بين أكثر من خمسين طالبا في المادة لا تملك سوى رقم طالب واحد منهم، وحتى هذا الطالب، لم اختره أنا. هو اختارني لأكون شريكه في المعمل. تحت تأثير الغضب،   يوم الخميس، في الأسبوع السادس، لا شيء يشبهني مما حصل فيه، لبسني باختياره، وكان معطفا لتعاطف أصدقائي من حولي، هم هكذا في لحظات السوء داخل هذا الحرم، لا يملكون سوى أن يستعرضوا هذا المعطف أمامك، والقليلون هم الذين سيعرضون عليك الدفيء به، لا شيء فيهم يستحق قضيتك سوى معطف. القضية الآن قضيتي، والمشكلة مشكلتي وحدي لا شريك لي، أغضب لها، وأغرد كل غضبي بأقل من ثمانين حرفا لتستفز كل من يهتم لأمري أو فضوليٍ تجمد عقله مع التغريدة.   ليس من العيب أن تغضب، وتمارس غضبك بلحظة -قد تتراكم نتائجها لما بعد غضبك-، هذا حقك المشروع بحياتك، تعيشها بكل ما فيك من مشاعر، وتنغمس في نفسك، تحررها خارجك. تعودت منذ خمس سنوات في الجامعة أن أبحث عن مكان اختباري قبل نصف ساعة من بدء الاختبار، بضغطة زر على البريد الإليكتروني أو نظام التعلم الإليكتروني في الجامعة ويكون مكان الاختبار في متناول يدي، إلا في

صدمة ..

صورة
مصدر الصورة: موقع الجامعة اتذكر أول أيامي في هذا الصرح الجامعي الممتد لعدة كيلومترات طولا وعرضا، صدري يحترق شوقا ينبع من قلبي لبدء عامي الدراسي الأول في الجامعة، أحمل في ذاتي الكثير من المعتقدات والآراء التي شربتها في بداية حياتي، كل شيء واضح أمامي، السماء، والأرض، والجبال، والوثن الشامخ كتمثال "المسيح المخلص" في البرازيل. في الحرم الجامعي، أصبحت حياتي لي وحدي، في غرفة يشاركني إياها صديق قديم وآخر تعرفت عليه في الأسبوع التعريفي للطلاب الجدد في الجامعة، الأول مثلي، لكنه في آخر سنة دراسية له ويمتلك ما يكفيه من الثقافة لترسيخ آرائي التي شربتها في طفولتي. كلها سنة وانكمشت الغرفة لتحتوي شخصين فقط. في لحظة ما، أمام كل المتغيرات في منطقة الخوض - شخص ساقط على الرصيف جراء جرعة زائدة، شباب يتعاطون شيئا ما في مقهى قريب من سكنك ولا تعرف كيف تنفضهم ليفيقوا من سباتهم، زميل لك يعربد في شوارع مسقط ومراكزها، زميل ينصحك بالابتعاد عن قراءة كتاب السر لما يحتويه من شرك وأفكار منحرفة، زميل متشدد لا يقبل الآخر-. هنا يحق لطفل أن يرتعش، جدران الأمان تتساقط للخارج وعليها أشباح يقي