المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٥

رسالة إلى صديق

صورة
عزيزي أحمد الرمضاني، وبعد ... خضتُ مساء اليوم تجربةً روحانية جميلة، وكما كان كلامك بعد الجلسة الصوفية في النادي الأدبي أنَّ "جمال الحضرات في استكشافها وخوضها كتجربة دون الإفراط فيها"... أوافقك تمامًا يا صديقي، فأنا عاشقٌ تائه في هذي الغابة التي تسميها [الحياة]، وفي داخلي أملٌ كبير بوجودِ طريق ما مختلف تماما عن شارع آلام المسيح الممتد من الباب وحتى كنيسة القيامة. التوهان هو الحياة بالنسبة لي في ليلتي هذي... أسقطُ فيها من السماء كمن لا يملكُ عشيقةً تُمسك يديه، وينتهي بي الأمر في غابة، والحضرةُ بحيرة ماء وردٍ يحطُ عليها النحل كما تَرُوده أنت ... أخذتُ بنصيحتك، اغترفت غرفةً واحدةً بيدي، فـ"لم يزدني الوِرد إلا عطشا"، وعدتُ إلى الغابة وحدي أبحثُ عن ماء آخر... فشكرًا لنصيحتك عزيزي، فالارتواء هنا هو باب كنيسة القيامة، وأرى العطش طريقةً للبقاء . أعتذرُ لك لأنني لا أستطيع وصف تجربتي، ولعلي أجد في تعريف بورخيس للشعر على أنه رابطُ وصلٍ بين قصيدة وقارئ؛ سأقول بأن تجربتي هي الرابطُ بيني ونفسي اللامنطقية. سَلمتُ أمري للامنطق، وغرقتُ في تلاوة ذلك الفارسي الأعجمي حتى احتوان

سرير

صورة
في منتصف كل ليلة يعطرُ جسده وينظف أسنانه، ثم يتوجه نحو سريره، يأخذ لحفافه وينام... قبل أسبوع لم يعد هذا المكان سريرًا، بل تابوتًا... يتنظف، يتعطر، يكفن نفسه، ثم يستقيل من الحياة في تابوته، يترك وراءه دنيا عاهرة، هكذا يكون قد مات وارتاح وانتهى الأمر ! لحظة انطباق جفنيه يتذكرُ جميع أهله، أمه التي ستفتقده في الصباح على مائدة الفطور، أخوته الذين لن يجدوا أحد ليوصلهم إلى المدرسة، وأصدقائه المشتاقين إلى لسانه البذيء السليط ومشاكساته الفكرية... لا أحد يعلم بموته داخل هذا التابوت الآن... لا بكاء ولا نحيب، لا وعيد ولا تبشير -حتى ملائكة القبور نسوا تابوته !! وفي الصباح ينهض من موته، لا يصدقُ عيناه؛ لأن جده أخبره بأن الأموات لا يعودون للحياة، وعندما مات جده زرع على قبره ورودًا؛ ليتأكد بأن هذا القبر مقفلٌ بالورود، وإذا فتحه أحدٌ -من داخل القبل أو خارجه- سيقلع هذا القفل . على عكس قبر جده، كان تابوته ينفتحُ كل يوم كالبيضة، يمشي بين الناس متعجبًا من كل شيء، يشكُ في موته كما يشك في حياتهم... وهو -كالموتى- لا يشتكي أبدًا بأنه ميت، فَقَد لسانه الحاد بريقه، وصار يلمسُ روعة الروح في ك