المشاركات

عرض المشاركات من 2016

وشاية المدرسة

لا يكاد أحد الطلاب يخطط لمقلب ما، حتى ما يتم استدعاؤه إلى مكتب المدير وتوبيخه. كيف يتم هذا في ظل نظام مراهقاتي طورناه خلال سنوات دراسية طويلة في المدرسة. أذكر ذات مرةٍ أنني قمت بكسر لوحة فنية معلقة على أحد ممرات المدرسة، لم يلاحظ هذا سوى طالب ساذج وضخم يسمى أحمد، قمت بالجلوس معه وإفهامه أن حديثه عما رآه أمام أحدهم قد يورطني مع الإدارة، وأنا الطالب الذي لم تتلطخ سمعته حتى الآن مع أي إداري في المدرسة. بعد أربع حصص تفاجأت بباص منطقتهم المتكدس بما يزيد عن ثلاثين طالبا يصرخون عليّ: "عرفناك أنت كاسر اللوحة". في اليوم التالي دفع الصف القريب من اللوحة عشرين ريالا [نصف ريال على كل طالب] كغرامة مالية على كسر اللوحة... حدث كل هذا دون أن ينبس أي أحد بأني من كسر اللوحة. كان حسونة هو أول المخبرين المتطوعين للإبلاغ عن الخطط المشاغبة في الصف، وتوسعت أعماله بعد ذلك لتشمل المدرسة ككل. حسونة هذا طالبٌ فاشل في جذب انتباه الطلاب، ولم يحقق أي أصوات تذكر في كل الانتخابات الصفية والنشاطية في المدرسة. فشل في أن يكون رئيس الصف، وفشل في تحصيل منصب في جماعات الإذاعة المدرسية والفنون والادا

أصابع قصيرة

مثقل بالنعاس والكسل. فتحتُ عينيّ بعدما رنَّ المنبه لنصف ساعة متقطعة. معدتي تصرخ وتبحث عن شيء ليسكت العصافير الغاضبة بداخلها، وشفتاي جافتان كصحراءٍ لم ترى سحابة منذ عقود. ما زلت بثياب سهرة البارحة -جينز وقميص أصفر-، ويمتدُ مني لونٌ أحمر لزق... نعم، إنه دمي ! قصدتُ الحمام لأنقع ثيابي في دلو من الماء وأنظف أسناني؛ فطعمُ لعابي حامض بسبب نومي الذي داهمني دون أن أغسل أسناني أو أبدل ثيابي. كانت ليلة كئيبة، قضيت أغلبها خارج المنزل. بَدَأَتْ مع غروب الشمس حين أرسلت لي حبيبتي: "لا أُحب الأصابع القصيرة". لم تشعر المجنونة بحجم النار المشتعلة بكلماتها الثلاث، ولم أرد على رسالتها. نظرتُ لأصابعي، ثم لبستُ الجينز وقميصي الأصفر وخرجت من شقتي. مشيتُ على غير هدى، لا أرى سوى أضواء الشوارع والأرصفة... حتى تذكرت الناس، رفعت نظري، فرأيت الناس في سوق الخوض يمشون وكأنهم عميان بفمٍ مفتوح على آخره، رائحة السوق تشبه إلى حد كبير رائحة تعفن ثلاجة غرفتي بعد إجازة دامت ثلاثة أشهر... مرضى، جميعهم بلا استثناء. بدأ الجميع بالزحف نحوي فور رؤيتهم لي، عظامهم تصدر صوتًا عند حركتهم كصوت بابٍ في بيتٍ قديم

تعليق حول [النسبوية]

صورة
[ 1 ] قرأت [النسبوية، التبرير  العاجز] للصديق محمد الشحي، وكنت دائما ما أصاب بصقعة ضحك عندما أرى أحدهم يرد على موضوع لصديقي بأنه [نسبي]. أعرف جيدا ذلك الشعور الذي يراود أحدهم عندما يُقال له: "استمعت لوجهة نظرك، ولا يهمني إن كنت قد فهمتك أو لا... والمهم أني أختلف معك؛ لأن الموضوع نسبي". وتجريد مصطلح [النسبية] من ستائره هنا يُخرج لنا [نكتة قصدية عظيمة] في التعاطي مع القضايا والمواقف، ويُعري وجه المُتحدث [بثقافته وفكره ومعرفته]؛ ليظهر لنا بوجه المُهرج. وأنا أتفق تمامًا مع الشحي عندما تحدث بأن النسبية تم ركوبها، ومحورتها لتكون طريقة هروب من الحوار؛ فهم يرون النسبية كالتالي: النسبية في عيون البعض. [ 2 ] قصة: يتحدث أحدهم عن عقوق الانسان في اليمن، وما تفعله قوات التحالف العربي فيه... يتحول الموضوع بطريقة ما إلى العقوق السوري والروسي لحقوق الإنسان؛ فيجيب صاحبنا: "الموضوع هنا نسبي". تفسير: يجعل صاحبنا هنا قضايا [حقوق الإنسان] مسألة نسبية، قابلة للأخذ والرد حسب الزمان، والمكان، والتوجه، والزمكان النسبي هو الأساس الذي قامت عليه النظرية النسبية، وهناك عدد ثا

رسالة: طريق اريام

صورة
صديقي، وبعد... لم اهتم يومها بالمسافة الخاطئة التي قطعتها؛ فأنا دائما ما أترك لنفسي مجالًا للعودة. حدث ذات مرة أن بدأت المشي في ممشى مطرح الجبلي في وقت متأخر من العصر، ونتيجة حماسي أضعت اشارات طريق الممشى، وظللت أمشي حتى واجهت سدًا يبلغ ارتفاعه السبعة أمتار. الشمس غربت، وبدأ الظلام يزحف شيئًا فشيئًا، وكنت أمام خيارين : 1-     أن أتابع السير، وأشق طريقًا لا أعرف ملامحه في ظلام الليل . 2-     العودة من طريق أتذكر معالمه، ووعورته البسيطة، وتكون ذاكرتي هي النور التي تضيء طريقي . مطرح، 30 أبريل 2015 قررت العودة؛ خاصةً بعد أن سمعت نباح الكلام. لم أتعامل يوما مع كلاب جبال مطرح، ولا أعرف نظام تعاطيها مع الغرباء. وصلت إلى ريام... تركتها مضاءةً بنور الشمس، وعدت إليها مضاءةً بنور الكهرباء . القضية يا صديقي لا تتعلق بالعودة وحسب، يحصل أن نترك أنفسنا لأيام، ليال، أو شهور، ثم نعود إليها... لكننا نعود ونجدها قد اختلفت !! لم يسبق لي أن تركت نفسي في مكان ما ثم عدت إليها كما كانت ! تركتها في باص التكسي تائهة، ثم وجدتها تبحث عن بطيخة في ستي سنتر . تركتها في حديقة العلوم تقرأ دي

الخروج من عنق الجامعة

[كتبت هذي التدوينة قبل سنة تقريبًا من اليوم، وكانت قبل يومين من آخر اختبار لي بالجامعة في منتصف شهر أغسطس 2015]... يومان يفصلاني عن الخروج من عنق الجامعة الحكومية الوحيدة في هذا البلد المُتَوحد من العالم... شحنت فجر اليوم الكثير أغلب أغراضي من الغرفة التي أقمتُ بها ست سنوات، غرفتي تبدو واسعة جدا لدرجة دفعتني لزراعة نجوم فسفورية على سقفها ... حَوَت الكثير من الأشياء المبعثرة وأرواح الموتى، ورائحة الأحياء: موركامي، كافكا، مريد البرغوثي، محمود درويش، إياد الحكمي، مظفر النواب، عبد الله ثابت، وطبعًا روحي الشريدة بينهم مع عدد آخر من الأرواح . لا أستطيع الحزن على خروجي من هذا الكهف بعد ست سنوات من التحديق في جداره، فالمكان أصبح اليوم مليء بالوحشة...نسج العنكبوت شباكه حوله، وعشعشت حمامتان على نافذة الغرفة، وليس بيدي سوى كتاب ملعون يقول لي: [لا تحزن، إن كافكا معنا] !! ربما حان وقت التخلص من ظلال الكهف، وتولية الوجه شطر نار الحقيقة، حيث يجتمع الأصدقاء حولَ النور، يتسامرون عما رأوا من ظلال وهم مقيدين جهة جدار الكهف... "كانت الظلال جميلة"، "هل تذكرون ظل سلمى؟"، "ك

التعليم المفتوح المصدر

صورة
يطلق التعلم المفتوح المصدر على عملية انتاج، ثم مشاركة المحتوى العلمي، وذلك من أجل تسهيل وصول جميع الأفراد للمعرفة بشتى أنواعها. وللوصول لهذا الهدف نحن بحاجة لإتاحة المحتوى التعليمي من قبل المؤسسات المنتجة للمعرفة مثل الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية. ويتيح محتوى التعليم مفتوح المصدر لغيره من المنتفعين حق تعديل المحتوى بما يتناسب مع طبيعة العرض، فمثلًا بإمكان بروفيسور في جامعة أمريكية نشر محتوى مقرر برخصة مفتوحة المصدر، ثم يأتي أستاذ جامعي عماني يضيف أو يعدل في هذا المحتوى ليدرسه في جامعة عمانية، وكل ما على هذا الأستاذ هو ذكر المصدر الرئيس لهذا المحتوى التعليمي. الأمر الذي يساهم في تسهيل عملية وصول المعرفة لأفراد أكثر. وبالإيمان أن المعرفة حق للإنسان كما تشير المادة (26) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أصبح المحتوى المعرفي المفتوح المصدر ضرورة. خاصة في ظل تحول المعرفة إلى رأس مال تحاول بعض المؤسسات والدول احتكاره، ما ينتج على الضفة الأخرى مجتمعات جاهلة تضطر لتصدير مواردها الطبيعية، ثم إعادة استيرادها كمواد استهلاكية بمبالغ أغلى بكثير.   #هامش : منذ أيام دراستي الجام

[بحيرة القرم]

صورة
كانا جالسين على بركة الحديقة، يمر بجانبهما طفلٌ صغير من الجالية الهندية على دراجته، يبدو في السابعة، يغطي رأسه الصوف، ويلبس نظارة تغطي جزء كبير من وجهه . ناداه، وأشار له بيده أن يجلس بجانبها... أوقف دراجته على جدار كورنيش البركة، وجلس بكل هدوء، ثم رمى كلمة بلغته الهندية. ابتسما بافتراض أنها تحية . مد الرجل يده باتجاه البركة وهو يقول: انظرا، هذي البركة عبارة عن بحر صغير، احتوته هذي الأرض التي نسميها القرم... القرم هو شجر القرم المحمي هنا، و كما قرأت أثناء ثورة الجميلات في أوكرانيا بأن معناها الحصن في لغة التتار... الهواء هنا رطب في الصيف، وفي الشتاء هو بارد... بارد و... فقط... هل تعتقدان بأن القرم تعني الحصن؟ لا اعتقد ذلك، ربما مطرح ومسقط مليئتان بالجدران، والأسوار، والقلاع.... مسقط ومطرح هما القرم، والباقي عمان . يميل بنظره إلى الطفل ويكمل: هل تعلم يا صديقي، أنا أحبك رغم أني لا أعرفك؛ لأنك تواجدت في لحظة جميلة أمام هذا البحر الصغير، بحرٌ في متناول الحديقة. نستطيع المشي حواليه في حين أنك تقود "سيكلك" الصغير هذا معنا... لقد جاءتني فكرة . يلف رقبته لليمين -حيث تجلس ه

استاذ ناصر اختفى !

كان معلم الرياضة المدرسية الوحيد في المدرسة الابتدائية، وحده لا شريك له قائم على الفصول من الصف الأول وحتى الصف التاسع -مع أنه كان يتنازل عن بعض الصفوف الدنيا بسبب ضغط جدول حصصه-... هادئ جدًا لدرجة أنه لم يصرخ في وجهي رغم [استهتاري] في حصصه الرياضية لسنوات. هو اختفى في حياته، لم أره منذ خروجي من المدرسة... ولكن كل ما كان يحدث في حصته لا يزال يحصل على مستوى القرى والولايات والدول ! كنت متعجبا طوال فترة دراستي من جديته في تدريس كرة القدم، والأعجب بأنني كنت أضحك طوال حصة الرياضة، وطردتُ من الملعب عدة مرات بسبب استهتاري بـ[الفوز والخسارة]... فأنا الحارس الذي يتكئ على عارضة المرمى، ويتعلق فيها غير مبالٍ بما يدور أمامه، أو بما يدخل ويخرج من هذا المستطيل المعدني المسمى بالمرمى! ====================== يأمرني استاذ ناصر كما يأمر المدربون لاعبيهم: "العب بجدية" ! ... فأمشي على حواف ملعب المدرسة أبحث عن شيء يسمى الجدية في هذه اللعبة ! ====================== يطرح من سجله درجاتي كما تطرح الغيمة المطر حتى تختفي، ثم يقول: "ما بقالك شيء"... ولأن الفوارق بين أوائل المدر

مرآة

أنهيت اختبار الجيولوجيا العملي، خرجت من القاعة ماشيًا بخيلاء، ويميني قابضةٌ على ورقة أسئلته كيد فارسٍ يحمل رأس عدوه بتباهٍ، وغير مبالٍ بما خلفه سفك حياة رجل ما... الاختبارات لا تعني لي شيئا سوى شيء يجب التخلص من رأسه بالوقت... قدماي تجريان بي حيث لا أعرف، أُناس يمشون بدون اكتراث بشكلي الذي ينم عن خروجي من الاختبار، وأعمدةُ جدران خشنة الملمس لا أكف عن لمسها على طول ممرات الجامعة... تسقطُ أصابعي على عمودٍ ناعم الملمس، أدير بصري اتجاهه لأنتبه أنها غطاء زجاجي لواجهة معرض للفنون التشكيلية، لم أجد مقاومة من نفسي تمنعني من الدخول، فماذا سوف أفعل في نهارٍ أبدو فيه وحيدا مع رأسِ اختبارٍ ممل!؟ *********************** منذ ذلك اليوم المشؤم -قبل سنة- وأنا وحيد. أصدقائي بعيدون، غير مبالين بصديقهم المشوه بجرح يشبه الهلال. كنت قبل ذلك الوسيم بينهم، وفي حضور فتاة حولنا أتحدث إلى أصدقائي بمواضيع تهم تلك الفتاة، أتقن دوري بحركات جسدي المصطنعة، ونغمة صوتي، مثل الممثل على مسرح مونودراما ... أنا ممثله، ولا يحوي سوى مشاهدةٍ واحدة، تلك الفتاة... أما أصدقائي فهم خشب المسرح وستارته وأضواءه . أغويت ا

عناوين الأخبار

صورة
قبل أيام ناقشت مع بعض الأصدقاء طريقة تعاطي بعض المؤسسات مع الأخبار، وكيف بإمكان عنوان واحد أن يقلب المفاهيم رأسًا على عقب عن طريق التلاعب في [طريقة] طرح الخبر، فعلى سبيل المثال هناك من يستخدم [النسبة] للتغطية على تأخر المؤسسة في [نتائجها العددية]، والعكس؛ كأن يستخدم [العدد] للتغطية على النتائج النسبية المتراجعة . نأخذ على سبيل المثال جامعة السلطان قابوس، والعنوان العريض في جميع صحفها الداخلية: "منظمة QS تعتذر عن تصنيفها الخاطئ لجامعة السلطان قابوس، وتؤكد انها من ضمن أفضل 4% م ن جامعات العالم"... بينما عدد الجامعات التي صنفتها QS يصل إلى عشرين ألف جامعة، وهو ما يضع جامعة السلطان في الرقم 800 من القائمة . ما قامت به الجامعة هنا هو تقديم الخبر كنسبة للتغطية على التراجع العددي في ترتيب الجامعة . من جهة أخرى، بعد تدني أسعار النفط، وتعاطي دول الخليج بنموذج جديد مع خططها الاقتصادية، ظهرت على أوائل الصحف والأخبار الخليجية: "ارتفاع نسبة المصادر غير النفطية في دخل الدولة" [ راجع الرابط ]... وهنا تم تقديم النسبة على العدد، وذلك لأن الصادرات غير النفطية لم ترتفع ك