البطة السوداء

في الزمن القريب، وفي كوكب تغطي البركة العظيمة ثلثه، يعرف بكوكب البط، عاش على ضفته بطة سوداء ولدت أكثر من خمسة عشر آلف ولد وبنت، وللأسف كانت الموارد قليلة جدا في الضفة اليمنى في غاية الركود، والغذاء لا يكفي لجميع أبناء هذه البطة.

عند شروق يوم جديد، فكر ابن البطة السوداء الأصغر عن حياته البائسة، تحت تهديد الجوع والإلتهام من قبل أخوته، فذهب لسؤال أمه البطة التي غضبت وألجمت فمه بجمرة من مبخرة تعطر كوكبهم باليأس !! وكان أحد أبنائها الصغار –بطبوط- في الجوار ولاحظ كل ما حدث، فدار في باله نفس التساؤل، ولكنه لم يكن يملك الجرأة لتوجيه تساؤله إلى أمه، فتوجه لأخيه الأكبر الذي جاوبه: "ببساطة، لأنك ولد البطة السوداء !!"، اكتفى بطبوط بالجواب، ولم يكلف نفسه عناء البحث عن شيء آخر، خوفا على لسانه وحياته.

دفعت هذه التجربة البطة السوداء للتفكير في طريقة تمنع أولادها من التفكير في أوضاعهم البائسة،وفي ليلة تميزت بقوة العصف الذهني أعلنت البطة السوداء عن استضافة البطة الراقصة البيضاء على مرفأ البركة الكبيرة، وكانت تظن بأنها تسر أبنائها بهذا الفعل، ولكن أبنائها نظروا للتصرف الهمجي الذي يهدد هوية أبناء البطة السوداء، وأعلنوا أنهم سيعتصمون أمام مبناها، واستغلوا كل مكبرات الصوت للصراخ ورفض قدوم البطة البيضاء متهمين البطة السوداء بتغريب أبنائها، والخضوع للغزو الفكري الأبيض !!

تكاثفت الصيحات وعلا صوت "الواق واق" الأسود المتشدد، الأمر الذي يعتبر من أشد أساليب الرفض لــ "لواق واق" الأبيض، وأخذ الصوت يسهر الليالي ويسهر البطولات، ويسطر الرفض بالصياح، حتى ما سمعوا خبرا عن نقل حفلة البطة السوداء لأحدى المسارح المنفية وسط الجبال، بعيدا عن البحيرة الكبيرة، وفرح أبناء البطة السوداء على استجابة مطلبهم.

مع إشراقة اليوم الجديد أبدى الديك المتمركز على كوكب في شمال المجرة مساندته لأبناء البطة السوداء وظهرت شائعة بتدخله في محاربة البطة البيضاء، ومع هذه المبادرة خرجت الجموع مطالبة بإسقاط البطة السوداء، وثار الشارع البطبوطي، وصمدوا ضد البطة السوداء شهورا عديدة، حتى ما أعلنت تنحيها، ونقل صلاحياتها للبطة البنية، وذلك في أول خطوة للبياض !!

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متاهة (قصة قصيرة)

قطرة دم

موقف من الخوض (2)