المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠١٤

أنتَ، وعام جديد

صورة
مرت سنة، كُنت خلالها أنت بطل حياتك فيها، أو اخترت دوراً ثانوياً فيها... لا يهم، هناك ما يكفي من السنوات أمامك، حاول أن تنتزع حقك منها، وعشها بكل تفاصيلها المؤلمة والحزينة، المرحة والسعيدة. يجب على المشاهد القادمة أن تكون أكثر جمالاً مما سبقها، لم تعد مراهقاً، ومسؤولياتك –مهما كثرت وتكاثرت-خفيفة اليوم... كخفة ورقة تتوالى عليها الكلمات من قلم القدر الذي تمسك به، محاولاً أن تجره كما تريد بيديك المشلولتين أحيانا، والحرة أحيان أخرى، فعلى الله أن يغير سُنن لعبتك المُفضلة في المرحلة الابتدائية "انسان، جماد، حيوان، بلاد" لتختار كلماتك، أو أن تُغير أنت ظروفاً -أنت تملكها-. توالي الكلمات يَخلُق لك الحاجة لصفحات أكثر، وأكثر، ثم أكثر... حتى تصبُح كتيبا، وكتاباً، ثم مجلدات تضطر لحملها أينما ذهبت، فاجعل حروفها تنساب زلالاً على عين القارئ –أنت-، واعتمد على كل فصل لجعل القادم أكثر جمالاً ... ولا تجعل ظهرك ينثني لمجلد تتكرر صفحاته وأحداثه. السماء لم تزل مكانها، وكلما كبرت يعلو المستحيل، وترى سماءك تبتعدُ عنك، يَلبسُكَ الشعور بعدم حدوث شيء مهم، فتعود للنوم، ثم تستيقظ على صوت اسعا

هُدهُد

صورة
اتذكرُ جيداً ذلك الصباح الذي وقفنا فيه ننتظر باصاً قديماً، يَتوسطه خطٌ أخضر، ويقوده رجلٌ طاعنٌ في السن لا يتوقف عن التدخين. الشتاء يُرجفُنا برداً، وبُخارُ زفيرنا يتحول لذرات ماء تظهر على صورة سحابة أو ضباب من الفم . حَطَ هُدهدٌ أمامنا، رقبته ذهبيةٌ كخيوط الشمس، وجسده مخطط بالأبيض والأسود، يحملُ تاجاً ذهبياً... لم تتردد أن تُشير إليه بفرح وأنت تُقسم بالله: "التاج هذا مصحف، شفته يقرأ قرآن ذاك اليوم". صِغرِي لم يغفر لك كِذبتَك، نظرتُ لك باندهاش، وبسمةٍ من تهكم لم يفهمها عُمرك... وربما فهمتَها ولكنك فضلتَ الحفاظ على ماء وجهك . ********************* اليوم، أرى هدهداً وأنا في طريقي للمسجد، يحملُ فوق رأسه مصحفاً -كأي واحد منا-، وكأن لكل هدهد مصحفه الخاص، وحقيقته الخاصة التي يُريد .

ذاكرة سمكة

صورة
أقفُ الآن في الحديقة بجانب البحيرة، عليها لافتة باسم "حديقة العلوم"، ويسميها الطلاب حديقة العشاق، إلا أنها مكان لعزلةِ جميع أولئك المعتادين على المشي للأماكن الخالية. العشاق، والباحثون عن العشق جزء منهم، وبعضهم الآخر يعتقدون بأنهم لا يستحقون الحب حتى من أصدقائهم. يُضاف عليهم المشائين في الطرقات لمحاولة نسيان قطعة صغيرة من الماضي تضغط على صدورهم، وحياتهم . حقيبتي كعادتها، على ظهري، وفي يدي كيس بسكويت وعلبةُ حليب، وبداخلي شعورٌ كبير بالحرية المؤقتة قبل بداية جدولي اليومي. على الكرسي الذي على يميني فتاة تتكلم في هاتفها النقال، ويقابلني على الضفة الأخرى من البركة كرسيٌ مهجور، ورصيفٌ لا يفرغُ من المارة، فهو الممر بين الجزء الغربي من الجامعة وعدد من السكنات الداخلية للفتيات. على اليسار شابٌ يسرحُ بنظره في البركة الراكدة، راهنتُ البركة بنصفِ كيس البسكويت بأن الشاب قادرٌ أن يحرك شيئاً ما داخل البركة –أي شيء-بحدة نظره، أمعنتُ النظر في البركة آملاً بأن ألحظَ أي حركةٍ غير طبيعية فيها. فجأة، يحدثُ اضطراباً للماء بالقرب من الضفة التي أجلسُ عليها، أرجعُ ببصري للشاب لأجدهُ قد بارحَ