هُدهُد


اتذكرُ جيداً ذلك الصباح الذي وقفنا فيه ننتظر باصاً قديماً، يَتوسطه خطٌ أخضر، ويقوده رجلٌ طاعنٌ في السن لا يتوقف عن التدخين. الشتاء يُرجفُنا برداً، وبُخارُ زفيرنا يتحول لذرات ماء تظهر على صورة سحابة أو ضباب من الفم.
حَطَ هُدهدٌ أمامنا، رقبته ذهبيةٌ كخيوط الشمس، وجسده مخطط بالأبيض والأسود، يحملُ تاجاً ذهبياً... لم تتردد أن تُشير إليه بفرح وأنت تُقسم بالله: "التاج هذا مصحف، شفته يقرأ قرآن ذاك اليوم". صِغرِي لم يغفر لك كِذبتَك، نظرتُ لك باندهاش، وبسمةٍ من تهكم لم يفهمها عُمرك... وربما فهمتَها ولكنك فضلتَ الحفاظ على ماء وجهك.



*********************
اليوم، أرى هدهداً وأنا في طريقي للمسجد، يحملُ فوق رأسه مصحفاً -كأي واحد منا-، وكأن لكل هدهد مصحفه الخاص، وحقيقته الخاصة التي يُريد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متاهة (قصة قصيرة)

قطرة دم

موقف من الخوض (2)