آثار العطر (1)

انهيت يوما متعبا بقليل من الأعمال والدراسة، والكثير من المشي والقهوة، لم استطع النوم مبكرا -كأي ليلة في العاصمة-، ولكن بعد الحوارات النفسية والكيميائية مع البدن استطعت اقناعه بالنوم المبكر على الرغم من بداية محاضراتي مع أول دقائق المساء.
نهضت فجرا، ولكن حلما جميلا لم ينته بعد، ولا يمكن للنوم أن ينتهي بدون انتهاء الحلم، فأطفئت المنبهات، وعدت للنوم بدون منبه، صحوت الساعة العاشرة -ساعتان قبل المحاضرة- ، اتصلت بالمطعم أسفل العمارة وطلبت منه برجر وعصير، وبدأت أنشط عقلي بالماء البارد، انتهيت وتناولت فطوري ولم يبقى سوى الزي الرسمي للذهاب للجامعة.
لبست ثوبي ووضعت كمتي  . . . والعطر !! عندما رششته على ثوبي ترك آثارا واضحة !! سحقا !! ليس في هذا التوقيت !! 30 دقيقة فقط تفصلني عن المحاضرة !!
خلعت الثوب وركضت طائرا نحو آلة الغسيل: "لالا، الوقت لا يكفي لهذا. . . " 
عدت إلى المطبخ وبدأت أفرك الثوب ببعضها حتى زالت آثار العطر، ثم رميتها تحت المكواة ﻷبدأ شوطا سريعا من الكواي.
لبستها وخرجت، بقي 20 دقيقة عن المحاضرة وأنا أمشي باتجاه سوق الخوض لأبحث عن تكسي يوصلني للجامعة، وفي لحظة كنت أبعد فيها عن السوق مسافة نصف دقيقة وقفت سيارة لطالب كان ينتظر تحت الشمس ليذهب بسلام للجامعة!!
آه !! نصف دقيقة !! كنت قضيتها في غسل بقعة أثر العطر على ثوبي !! لو لم أضع العطر لكنت الآن في سيارة مكيفة وفي الطريق نحو الجامعة !! فوضى سببتها آثار عطر على ثوبي.. سأنتظر، لعل سيارة تأخذني للجامعة.تأخر الوقت، وأنا ألعن العطر، لم يبقى سوى أقل من عشر دقائق، فأتى المنقذ، وقف أمامي وسألني ان كنت قاصد الجماعة، فركبت معه.

كانت سيارته مرتبة بشكل دقيق، وشذى العطر في كل جزء صلب أو هوائي فيها، تعجبت، وقلت بثقة: "اعتقد طلاب الكليات الانسانية يعرفون معنى الراحة".ابتسم وعينيه تدوران مع يديه لتدوير المركبة في الدوار: أنا متخرج ولكن لي بضع أعمال في الجامعة.
لم أسأله كثيرا، بل اعتمدت على نفسي في فهم الذي يحصل مع هذا الشاب، وخلال تفكيري رأيت ابرة تستخدم لتثبيت الحجاب آمام عيني، على رف السيارة، فأوحى إلي فكري بعضا مما سيكون بعد دقائق، وفجأة انتبهت بأن الكرسي مقدم بصورة لا يليق إلا بالبنات !!
فقلت بنبرة بريئة تخبي من الخبث ما لا تحمله الكلمات: " ماذا تعمل في الجامعة؟؟" ... نظر إلي وقال: "تعرف البنات وضيق الجدران عليهن، فأنا أمر بصورة شبه يومية على زوجتي في الجامعة وناخذ نزهة قصيرة".
ابتسمت وفتحت باب الصمت حتى نزلت أمام كلية الهندسة، وأمامي دقيقة قبل أن تبدأ المحاضرة.



************          نهاية الجزء الأول          ************

تعليقات

  1. رائع ! بانتظار الجزء الثاني D:

    ردحذف
  2. رائع ! بانتظار الجزء الثاني D:

    ردحذف
  3. جميل
    لو سمحت اتمنى انك نتشرها ف سبلة عمان ^_^

    ردحذف
  4. اعجبتني :)

    نزل التكمله ب أسرع وقت قبل الاختبارات <3

    تمنايتي لك بالتوفيق حبوب *_^

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متاهة (قصة قصيرة)

قطرة دم

موقف من الخوض (2)