موقف من الخوض (2)

 الخوض، منطقة تحتوي على تنوع انساني واسع، حيث يمتزج سكانها من العوائل -بمختلف أنماط معيشتها- بعدد كبير من الشباب -بمختلف نشاطاتهم ووظائفهم ودراساتهم-، ويميزها سوق بدأت المحلات والخدمات النسائية تجتاح جوانبه، ومطاعم متنوعة ومتناقضة في أغلب حالتها، فالعمال في المطعم الذهبي التركي أو زهرة لبنان كلهم من الهنود.

في أحد الأيام كنت جالسا على طاولة في مطعم الهلال التركي، فجاءت بنت سورية - حوالي الثمان سنوات-، تبيع مسابيح وميداليات بأسعار مبالغ فيها بعض الشيء، ولكني محتاج للمسة طفل في غربتي، أو حتى الحديث مع طفل لمدة خمس دقائق، ناديتها، وسبق وصولها إليَّ صديقي بقوله: روحي من هنا !!

نظرت له مستنكرا تصرفه وقال: " أعرفك كل حد يقس عليك بكلمتين".

أكتفيت بالابتسامة ومسايرته الحديث عن ما يحدث في سوريا من قتل ودمار وقتل وتعذيب، وبطريقة ليست سلسة تحول الموضوع فجأة حول أحدى أدوات لينوكس ثم نبذة سريعة عن مادة يدرسها -شبكات-، وصولا إلى وضعنا الراهن في الحياة.

انهينا العشاء المحكوم عليه بالأكل البطيء بعد ما انتهينا من جرد كل صغيرة وكبيرة حولنا من الحروف والكلمات والقصص، دفع الفاتورة ومضينا إلى السيارة...

جلسنا في السيارة لفترة، ننتظر من معدتنا هضم بعض الطعام، وشغلنا الوقت بالحديث عن حيثيات المستقبل، وفجأة !!

فجأة !! يدخل رأس كائن بشري لداخل السيارة وفي يديه شاروما: "تفضلوا أولاد العم ... تراني أنا ولد عرب ولد قبائل، أريد أروح السيب وما عندي خردة، يا ليت تعطوني نص ريال بس".

نظرت لزميلي، وهو يشير إليَّ !!
أخرجت ريالا، أعطيته، لكي أرتاح بعض الشيء !!
 أخذ الريال وذهب، رأيت في خطواته المتأرجحة ارتجاجا لضميري !!
لماذا طرد أحمد تلك الطفلة البريئة وانتظر مني أن أفتح جيبي لهذا ؟؟
لماذا هنا ؟؟

لم أملك سوى صرخة من أعماق قلبي: "لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا".
نظر إلي أحمد وقال: "خرفوش؟؟".

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متاهة (قصة قصيرة)

قطرة دم