#أزمة_مياه_الخوض


فتحت عيني صباح الثلاثاء، وتوجهت نحو الشرفة لاستقبل بعض النور من الشمس للملمة النشاط قبل البدء بأعمال ما قبل الدوام، كانت الشمس باردة، وتسللت إلى جسدي برفق، تنزع برودة التكييف من قلبي وحتى أطرافي.

توجهت بعد ذلك للاستحمام، فإذا بسلطان يصرخ: “شباب اليوم ماشي ماي، لازم نحافظ على الدرام وما نخلصه !!”، اضطررنا للتضامن مع المسألة وأرشدنا في استهلاك الماء !

ﻷول مرة أتمنى أن يكون لكل غرفة "درامها الخاص"، لأني أصاحب شخصا واحدا في غرفتي، والغرفة الأخرى تحوي على ثلاثة شباب، ومن هنا فاستهلاكهم أكثر منا .. ولكن الواقع فرض علينا "درام " واحد لكل شقة.

وأنا استحم في صباح الثلاثاء تراودني بعض الأفكار التي لم تزل حتى اللحظة تراودني، فهناك "درام" واحد على السطح لم تنقص منه قطرة ماء منذ بدء الأزمة، وابليس يحثني على استخدام الدلو لتفريغه في "درامنا"، ولكن الضمير هو الفائز حتى الساعة.

داومنا كعادة أيُ ثلاثاء، ونسيَ كل طالب مشاكله الخاصة مع الماء، وبدأنا طريق الجد والتعب والضحك وسد الفراغ بأي شيء نملكه، واختتمنا أعمالنا بحضور الأمسية الختامية للمعرض الهندسي الخامس، وفي طريق عودتنا للسكن بدأنا نتذكر شيئا من ذلك الجفاف:

- ربما تكون الخوض أكثر جمالا بالجفاف، فأساسا الماء يشوه المنظر العام فيها بسبب فيضان "البواليع"...
- الله يلعن ابليسك !! خل الفلسفة وتكلم كلامنا !!
- أوكي، أنت ما كنت تشتكي الروائح في السوق ؟؟ هذا حل.
- يا حبيبي "كيفَ يَسيلُ من جَسدٍ عفن ؟؟".
- صح والله !! المشكلة باقية.
- أنت نزلني الشقة وراح نشوف الترتيب، كان ما أسرق ماي جيراننا، شكلهم ماحد في الشقة، يعني ربع درام خير من لا درام.


نزلت لسكني، توجهت للسطح مباشرة !! درام الجيران ما زال ممتلئا لآخر حد فيه !!

-الله يلعن إبليس !! باكر الأربعاء وراجعين البلد ما احتاج ماي.

دخلت الشقة، توجهت مباشرة إلى سريري بعد أن خلعت كل شيء يذكرني بالجامعة، وبدأت أغرد وأهذي وأفكر خارج نطاق مشكلة الماء، فنحن غالبا هكذا، نهرب من المشكلة عندما لا نملك حلا لها، أو تكون خارج أيدينا، فالمشكلة ليست في عمارتنا حتى نجادل صاحب العمارة لحلها، وليست في شقتنا لكي نتفق على اصلاحها، الأمر لا يخصني وحدي، الأمر يخص الخوض كلها، وربما السيب وبعض بركاء، والمشكلة مشكلة "البيبات"، ربما انفجر أحدها، ولعلها مشكلة المضخات بسبب كثرة الطلب مقارنة بما تستطيع ضخه، وربما لم تكن هناك مشكلة !! لا أحد يدري ما يحدث، الأهم أنني الآن بدون ماء ولا أملك شيئا لإرجاع الماء، والمهم أنني لن أموت عطشا ما دام في محفظتي أكثر من عشرة ريالات.


نمت بدون سابق انذار، كنت أفكر في لون الفيل وروعته، رماديٌ، بعيد عن الأسود كبعده عن البياض، ولكن هناك فيلة بيضاء أيضا، مقدسة في الحضارات والثقافات ….. ولم أدري إلا بهمسة في الصباح:
شباب ماشي ماي !! الماي الباقي يمكن يكفينا للوضوء بس !!

لا أذكر أنني فكرت بشيء سوى بأن ألعن ابليس بعد فتح عيني على تفكيري في الفيلة !! فيل !! وولاية السيب جافة !! أين سيستحم ؟؟ كيف سنصنع لصغيره الطين ليلعب فيه بخرطومه !!


قررت بأن اتجاهل محاضرة الأربعاء، وأكتب التدوينة وأعود إلى بيتي، حيث أمي، حيث الماء على الأقل !!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متاهة (قصة قصيرة)

قطرة دم

موقف من الخوض (2)