ضغوطات أسبوع


ينتهي اسبوع من الاجازة، وتباشر الجامعة بجمع كل طلابها في حرمها بمختلف مناطقهم ولهجاتهم وآرائهم، وهذا أحد الأشياء الذي يشجعني على حب الجامعة، أن أرى فيها تنوعا في كل شيء، ومن كل شيء، جميل جدا أن لا تتوقع كل شيء حولك، حتى تعيش في جو يجعلك تتوقع كل شيء.

شخصيا، لم اتوقع حجم الضغط الذي رسمه القدر لي على حواف الاجازة، ( تقرير تجربة، واجب، ثلاثة امتحانات قصيرة من بينهم مادتين خارج نطاق خدمة المذاكرة الدورية منذ ثلاثة أسابيع ) !! ... بالضغط تشعر بأنك أنت لست أنت، موجودا في دوامة حياتك، والحياة تواصل مسيرها الحاد نحو يديك وقدميك، وغبارها يداعب حلقك المختنق، ينطلق النيترون من الضيق داخلك، تنشطر ذرات الكسل، وتجتاحك رغبة بالصراخ في زحمة الحياة. وتتساءل: ماذا يفعل كل هؤلاء الناس في الحياة ؟؟ هل هم في مكانهم الصحيح ؟ تحتل أفكارك الرغبة بإعادة ترتيب كل شيء، جدولك الغذائي، أصدقائك، درجات القرابة، أولويات الدراسة، الحياة كلها. وفجأة احتاج لنفسي باسم فارغ، لا يحتوي شيئا من المعاني، أكتفي بــ"ميم" مثلا، حرف عابث مفرد لا صلة له بالأشياء أو المبادئ، لا يبشر، ولا ينذر. ثم انحرف إلى الجب، وحدي لا شريك لي، انتظر قافلة من السماء ترمي دلائها في زاويتي، ثم اتذكر بأن القدر لم يخلق لأجلي فقط، فآخذ سماعتي الجوال وارقى للسماء بالموسيقى.
**********
بدأت يومي الأول في مسقط بواجبي في برمجة برنامج صغير وبعض عمليات الحساب بالرقمين ( صفر ، واحد) .. هي بالضبط حوار مع الآلات، ومحاولة فهم الآلات، لابد من أن تكون انسانا مراعيا لرتابة وآلية الآلة حتى تنتهي من حل هذا الواجب السهل، وعندما تصطدم بمعضلة، لا تتردد في سؤال جوجل … ولماذا خلق جوجل أصلا ؟! وبعد انتهائك من أداء الواجب تتسلل لك بعض الاسقاطات من رتابة الآلات على بعض الدكاترة المساكين، يؤدون دورهم بآلية متقنة كل فصل، يعيدون كلامهم وامتحاناتهم وأنفسهم، تتطور الفكرة تدريجيا ليكونوا كمهرجي السيرك، وتتهكم على نفسك إن حضرت لفرقة سرك واحدة أكثر من 24 عرض في أربعة أشهر !! وبمجرد الانتهاء من الاسقاطات تنام فتنة الخالق عن مخلوقه في حضن "الفضاوة". 
***********
لم اتعود فقدي التدريجي للوعي في المحاضرات كما فعلت الأسبوع الماضي، كل شيء ثقيل في الجامعة، الكتب، والهواء، والأصدقاء، والحياة، والمواقف، والزحمة والمهرجين، كلها أضلاع تجثو على صدري، وتخلق للتمرد اطارا يعربد فيه كيفما يشاء، ففي محاضرة القياسات أفتح ويكيبيديا لأحفظ رقم (π ) بصورة أجعل الحاسبة تخضع لي دون اختصاره بزر واحد في الحاسبة حتى وصلت لمرحلة استحقر فيها حاسبتي التي لا تحفظ سوى ثلاثة عشر رقما من (π )، الحاسبة نفسها التي أدهشتني بقدرتها على حل المعادلات واجراء العمليات الحسابية، لكن كل شيء يبدو سخيفا بمجرد معرفتنا لطريقة عمله !! ولا أدري كيف ستكون متعة الكون في حال تم حل لغز نظرية الأوتار الفائقة !

والآن، أكتب تدوينتي استعدادا لخوض امتحانين قصيرين غدا في مادتي "الأنظمة المنتظمة" و "الآلات الكهرباية" .. واتوقع أن انتهي بنتيجة جيدة تزيد من قدرتي بالتعامل مع بعض الموظفين الآليين في الجامعة :)

تعليقات

  1. راق لي ما كتبت منذر. وأتمنى لك التوفيق في الامتحانات ^ـــ^ وفي التعامل مع الآلات والبشرية منها.

    بورك قلمك

    ردحذف
  2. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متاهة (قصة قصيرة)

قطرة دم

موقف من الخوض (2)