حوض أسماك

جالسٌ أمام حوض سمك، أحجامها مختلفة، خمسة أسماك كبيرة وثمان سمكات صغيرات... قمتُ بتنظيف الحوض قبل أيام وبدلت مياهه، وكل يومٍ أرمي للأسماك طعامًا دون حولٍ منهن ولا قوة. لا أدري إن كانت هذي الأسماك مؤمنةً بوجود كائن مثلي، قويٌ جدا عندما تضعني بجانبهن، وأيضًا رحيم بهن ولا أنتظر منهن شيئًا سوى جمالهن أثناء حركتهن في الحوض.


كانت الأسماك تتراقص برقة جميلة، لا تكف عن الحركة في الحوض، وكأنها تفتش عن شيء ما تحت الحجارة وجسم سفينة صغيرة في قاع الحوض، أو بين مجسمات الأشجار. تجمعت السمكات الخمس الكبيرة حول سمكةٍ صغيرة، حاصرتها في احدى زوايا الحوض، وهي تضرب زجاج الحوض برأسها، كانت طرقاتها أشبه بجرس كنيسة يهز صالة البيت، تنادي شيئًا عظيما، تدعو كائنًا أكبر منها كي يلبي شيئًا ما.
لم أفهم طرقاتها حتى رأيتُ الأسماك الخمس يحاولن ادخالها في فمهن. قمتُ جزعًا من هول المشهد؛ فأنا لم اشتري الأسماك ليسفكن أرواح بعضهن، بل لأرى تناغم رقصاتهن في الحوض، ولإضافة المزيد من الحياة في صالة المنزل.
فتحتُ سطح الحوض، ومددت يدي الكبيرة نحو الاسماك، هربن في الزاوية الأخرى من الحوض وتركن تلك السمكة الصغيرة لتطفوا جسدا من دون روح.
لم يكن لكائن رحيم مثلي أن يعاقب الأسماك الكبيرة على جريمتهن، خاصة بعد تذكره بأنه انشغل بجمال الأسماك طوال اليوم ونسيَّ اطعامهن. أخرجتُ جسد السمكة الميتة، ورأيتُ عودة الأسماك للبحث بين الحجارة والسفينة عن شيء يؤكل... رميتُ السمكة الميتة في سلة المهملات وقمتُ بإطعام باقي الأسماك في الحوض... وعاد الحوض كما كان، عدا أن سمكةً واحدة دفعت روحها كضريبة لتأخر وجبة السماء.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متاهة (قصة قصيرة)

قطرة دم

موقف من الخوض (2)