رسالة إلى صديق

عزيزي أحمد الرمضاني، وبعد...
خضتُ مساء اليوم تجربةً روحانية جميلة، وكما كان كلامك بعد الجلسة الصوفية في النادي الأدبي أنَّ "جمال الحضرات في استكشافها وخوضها كتجربة دون الإفراط فيها"... أوافقك تمامًا يا صديقي، فأنا عاشقٌ تائه في هذي الغابة التي تسميها [الحياة]، وفي داخلي أملٌ كبير بوجودِ طريق ما مختلف تماما عن شارع آلام المسيح الممتد من الباب وحتى كنيسة القيامة. التوهان هو الحياة بالنسبة لي في ليلتي هذي... أسقطُ فيها من السماء كمن لا يملكُ عشيقةً تُمسك يديه، وينتهي بي الأمر في غابة، والحضرةُ بحيرة ماء وردٍ يحطُ عليها النحل كما تَرُوده أنت...
أخذتُ بنصيحتك، اغترفت غرفةً واحدةً بيدي، فـ"لم يزدني الوِرد إلا عطشا"، وعدتُ إلى الغابة وحدي أبحثُ عن ماء آخر... فشكرًا لنصيحتك عزيزي، فالارتواء هنا هو باب كنيسة القيامة، وأرى العطش طريقةً للبقاء.
أعتذرُ لك لأنني لا أستطيع وصف تجربتي، ولعلي أجد في تعريف بورخيس للشعر على أنه رابطُ وصلٍ بين قصيدة وقارئ؛ سأقول بأن تجربتي هي الرابطُ بيني ونفسي اللامنطقية. سَلمتُ أمري للامنطق، وغرقتُ في تلاوة ذلك الفارسي الأعجمي حتى احتواني جمالُ الله... شعرتُ به يسري في عروقي، يتدفقُ فيَّ نبضةً نبضةً... انفتحت السماء فوق رأسي وتناثرت نجومها مطرًا، وأنفجرَ قلبي عيونًا، "فالتقى الماءُ على أمرٍ قد قدر".
خِتامًا، وكما قال حسام الجابري:
[لَا تُصَلّ / كُلُّ مِحرابٍ خرابٌ دُوْنَ أُنْثَى
لَا تُصَلّ] !
فنحنُ الأرض، والأنثى هي السماء...

دمت بجمالك، واعتذر لك مرةً أخرى لأنني لستُ في مزاج يسمحُ لي بأن أشتمك كعادتي.
المجنون غير الرسمي: منذر الحمداني.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متاهة (قصة قصيرة)

قطرة دم

موقف من الخوض (2)