مسرح بن عبادي


أول صورة بالألوان الكاملة من تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لوكالة ناسا- 


عند نظرتي الأولى إلى الصورة التي التقطها التلسكوب "جيمس ويب" إلى عمق نقطة تبلغ ١٣.٥ مليار سنة في السماء، وبمجرد التذكر بأن رؤيتنا للمجرات من على سطح الأرض اليوم تعود إلى ماضٍ سحيق جدا من عمر المجرات الأخرى؛ تبادرت إلى ذهني فكرة أن الجمال الكوني قد نشأ قبل الوعي؛ فالفن ابن الطبيعة الأول. لحظة الانفجار العظيم هي الطبلة الأولى لانطلاق سيمفونية الصوت، والألوان، والتناسق، والضوء، والظل... وهي النقطة الأولى لكل الخطوط الممتدة من المركز، وإلى أطراف التمدد الكوني، وما قام به التلسكوب "جيمس ويب" هو محاولة لجمع كل الفنون الكونية في صورة واحدة، غارقة في الضوء، واللون، ، والسواد، والجمال. تمامًا كما يحاول حميد البلوشي فعله مع فريقه في معظم أعمالهم الفنية الأخيرة.

الجمال ممتد على امتداد تنوع الفنون، و الموروث المادي، وغير المادي من كل ثقافات الأرض، والمبدع هو من يجد صياغة تجمع بين مختلف أنواع الجمال، وكما ظهر سابقًا مصطلح "أبو الفنون" للإشارة إلى المسرح كجامع لمختلف الفنون بدءً من النص الأدبي، مرورًا باللوحات، والموسيقى، والديكور، والرقص وغيرهم؛ قد يظهر لنا بعض المبدعين الذين يستطيعون الجمع بين مختلف الفنون بأسلوب فني آخر.

أشار البلوشي في كثير من حواراته السابقة إلى ثنائية فيروز، والأخوين رحباني عند الحديث عن علاقته بصلاح الزدجالي، وعرف نفسه على حسابه بتويتر -سابقا- على أنه "رحباني الهوى"، وكنت دائمًا أحاول البحث عن العلاقة بين حميد والرحابنة، حتى تجلت أخيرًا في أعماله الأخيرة في #بن_عبادي_جروب، وتحديدا بأغنية (عمتيّه)، حيث تداخل الموروث العماني بلهجاته الدارجة، واللبس التقليدي، والإيقاعات التقليدية مع التجديد الموسيقي، والفن التشكيلي العماني الحديث متمثلا في لوحة إدريس الهوتي لإنتاج لوحة فنية جامعة للعديد من الفنون المادية، وغير المادية عبر الأزمان العمانية.

بوستر أغنية (عمتيه) - في الخلفية لوحة للفنان ادريس الهوتي

لعل ما تفتقده الساحة العمانية اليوم في مجال الفنون هو هذا التكامل بين مختلف المجالات لإنتاج الأعمال الفنية؛ وخاصة بعد افتتاح دار الأوبرا السلطانية في عام ٢٠١٠م، ونتمنى أن تتضافر جهود الفنانين بمختلف مجالاتهم لتزدهر عروض الدار بالفرق الفنية العمانية.

فغالبا ما نجد بأن كل تخصص فني يعمل في مجاله، و تبرز سمة من التنافسية بين مختلف المجالات، ولم يحضر على ذاكرتي سوى عمل فني واحد جامع للفنون خلال العشر سنوات الماضية، مثلته فرقة تواصل في مسرحية (ديك الملك)، حيث بدأت من مسودة نصٍ للكاتب المسرحي حمود الجابري، ثم عمل عليه الشاعر مشعل الصارمي، وأخرجته فرقة تواصل كمسرحية موسيقية مكتملة من إخراج سامي البوصافي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

متاهة (قصة قصيرة)

قطرة دم

موقف من الخوض (2)