المشاركات

عرض المشاركات من 2015

ديربي الباطنة

صورة
[لتكن البداية انسلاخية ... اسمع، كل ما سأذكره هنا لا يمت للانتماء الصحراوي بصلة، والمذكرة مكتوبة منذ سنة تقريبا في نوفمبر 2014...] . أنا لا أتابع المباريات، ولا أستمتع بها، ولكني أحاول بعض الأوقات أن أبدو كذلك عندما أستطيع فيها التحكم بظاهري . سمعت بمباراة تسمى "الديربي" بين نادي صحار ونادي صحم، ستقام في مجمع صحار الرياضي في يوم يسمح لي فراغه بحشوه بأي شيء لا أحبه –كمتابعة مباراة من مدرج جماهيري مثلا-. أخوتي وأبناء خالي وجيراننا كلهم متحمسون منذ يومين لهذا اللقاء ’ الكروي ’، أظهرت الحماسة معهم بصورة ’ مبتذلة ’، كسفت ركبتاي بانحناءة بسيطة، ورفعت يديّ وقلت: "ييي ييي ييي " وأنا أحرك رسغاي بحركة دائرية.... "وابوي عليش" كان الرد المُبتذل الوحيد على حركتي الحماسية !! قصدنا النادي أنا وأخوتي بسيارة والدي –بسبب حجز سيارتنا الأخرى في الشرطة-، التواجد الجماهيري والأمني كثيف حول المجمع الرياضي، وسيارات المشجعين تحتل مواقف وعدد من الشوارع في حارة سكنية قريبة . افترقتُ عن اخوتي عند مدخل المجمع. على البوابة يتزاحم تيار كبير من الجماهير، خضت مع الخائ

قطعة شوكلا

صورة
في أول قصة له بكتاب [المعذبون في الأرض] تحدث طه حسين عن طريقة أكل الولد الفقير صالح لقطعة حلوى حصل عليها من صديقه الغني قال: "خبأها تحت لثته"، أو ربما قال شيئا من هذا القبيل ... لم أقرأ من الكتاب سوى هذه القصة، وتمت سرقة الكتاب وتهريبه لعائلة أخرى، ثم تناقلته الشخوص حتى ضاع بين ركام أولاد حارتنا... تحضرني الآن هذه الصورة : طفلٌ في السابعة من عمره يخبئ قطعة الشوكلا بين لثته وشفتيه لتدوم أطول فترةٍ ممكنة... تماما كما نفعل نحن باللحظات الجميلة، نحاول الإمساك بها واستهلاكها ببطء حتى ننعم بأطول قدر من الفرح والسعادة . ربما لهذا السبب عشقتُ المشيّ من الخوض لسينما سيتي سنتر، أتابع فلما للأطفال ثم أعود، أو أمشي من الخوض لشاطئ السيب... كلا الطريقين يحتاج لساعة ونصف أو ساعتين من المشي للوصول، وهو نفس الوقت الذي أقضيه في السينما أو الشاطئ حتى أعود أدراجي لشقتي مشيا لمدة ساعتين . المشاء يتلذذ بالطريق أكثر من وجهته، هذا ما يمكنك رؤيته من برنامج [المشاء] على قناة الجزيرة... الأسواق التي يزورها ذلك الفنان العربي المتواضع في فرنسا، أو الأرصفة التي عمرها ذلك الفنان برسوم طباشيرية..

رسالة إلى صديق

صورة
عزيزي أحمد الرمضاني، وبعد ... خضتُ مساء اليوم تجربةً روحانية جميلة، وكما كان كلامك بعد الجلسة الصوفية في النادي الأدبي أنَّ "جمال الحضرات في استكشافها وخوضها كتجربة دون الإفراط فيها"... أوافقك تمامًا يا صديقي، فأنا عاشقٌ تائه في هذي الغابة التي تسميها [الحياة]، وفي داخلي أملٌ كبير بوجودِ طريق ما مختلف تماما عن شارع آلام المسيح الممتد من الباب وحتى كنيسة القيامة. التوهان هو الحياة بالنسبة لي في ليلتي هذي... أسقطُ فيها من السماء كمن لا يملكُ عشيقةً تُمسك يديه، وينتهي بي الأمر في غابة، والحضرةُ بحيرة ماء وردٍ يحطُ عليها النحل كما تَرُوده أنت ... أخذتُ بنصيحتك، اغترفت غرفةً واحدةً بيدي، فـ"لم يزدني الوِرد إلا عطشا"، وعدتُ إلى الغابة وحدي أبحثُ عن ماء آخر... فشكرًا لنصيحتك عزيزي، فالارتواء هنا هو باب كنيسة القيامة، وأرى العطش طريقةً للبقاء . أعتذرُ لك لأنني لا أستطيع وصف تجربتي، ولعلي أجد في تعريف بورخيس للشعر على أنه رابطُ وصلٍ بين قصيدة وقارئ؛ سأقول بأن تجربتي هي الرابطُ بيني ونفسي اللامنطقية. سَلمتُ أمري للامنطق، وغرقتُ في تلاوة ذلك الفارسي الأعجمي حتى احتوان

سرير

صورة
في منتصف كل ليلة يعطرُ جسده وينظف أسنانه، ثم يتوجه نحو سريره، يأخذ لحفافه وينام... قبل أسبوع لم يعد هذا المكان سريرًا، بل تابوتًا... يتنظف، يتعطر، يكفن نفسه، ثم يستقيل من الحياة في تابوته، يترك وراءه دنيا عاهرة، هكذا يكون قد مات وارتاح وانتهى الأمر ! لحظة انطباق جفنيه يتذكرُ جميع أهله، أمه التي ستفتقده في الصباح على مائدة الفطور، أخوته الذين لن يجدوا أحد ليوصلهم إلى المدرسة، وأصدقائه المشتاقين إلى لسانه البذيء السليط ومشاكساته الفكرية... لا أحد يعلم بموته داخل هذا التابوت الآن... لا بكاء ولا نحيب، لا وعيد ولا تبشير -حتى ملائكة القبور نسوا تابوته !! وفي الصباح ينهض من موته، لا يصدقُ عيناه؛ لأن جده أخبره بأن الأموات لا يعودون للحياة، وعندما مات جده زرع على قبره ورودًا؛ ليتأكد بأن هذا القبر مقفلٌ بالورود، وإذا فتحه أحدٌ -من داخل القبل أو خارجه- سيقلع هذا القفل . على عكس قبر جده، كان تابوته ينفتحُ كل يوم كالبيضة، يمشي بين الناس متعجبًا من كل شيء، يشكُ في موته كما يشك في حياتهم... وهو -كالموتى- لا يشتكي أبدًا بأنه ميت، فَقَد لسانه الحاد بريقه، وصار يلمسُ روعة الروح في ك

حوض أسماك

صورة
جالسٌ أمام حوض سمك، أحجامها مختلفة، خمسة أسماك كبيرة وثمان سمكات صغيرات... قمتُ بتنظيف الحوض قبل أيام وبدلت مياهه، وكل يومٍ أرمي للأسماك طعامًا دون حولٍ منهن ولا قوة. لا أدري إن كانت هذي الأسماك مؤمنةً بوجود كائن مثلي، قويٌ جدا عندما تضعني بجانبهن، وأيضًا رحيم بهن ولا أنتظر منهن شيئًا سوى جمالهن أثناء حركتهن في الحوض . كانت الأسماك تتراقص برقة جميلة، لا تكف عن الحركة في الحوض، وكأنها تفتش عن شيء ما تحت الحجارة وجسم سفينة صغيرة في قاع الحوض، أو بين مجسمات الأشجار. تجمعت السمكات الخمس الكبيرة حول سمكةٍ صغيرة، حاصرتها في احدى زوايا الحوض، وهي تضرب زجاج الحوض برأسها، كانت طرقاتها أشبه بجرس كنيسة يهز صالة البيت، تنادي شيئًا عظيما، تدعو كائنًا أكبر منها كي يلبي شيئًا ما . لم أفهم طرقاتها حتى رأيتُ الأسماك الخمس يحاولن ادخالها في فمهن. قمتُ جزعًا من هول المشهد؛ فأنا لم اشتري الأسماك ليسفكن أرواح بعضهن، بل لأرى تناغم رقصاتهن في الحوض، ولإضافة المزيد من الحياة في صالة المنزل . فتحتُ سطح الحوض، ومددت يدي الكبيرة نحو الاسماك، هربن في الزاوية الأخرى من الحوض وتركن تلك السمكة الصغيرة

الفصول الأربعة

صورة
عند الاستماع "للفصول الأربعة" بدءً بفصل الربيع، وحتى فصل الشتاء، أنظر إلى الخارج، سترى المواسم : v    ربيع، بَعثٌ من العدم... بينةُ الله للآخرة . v    صيف، يلتهبُ فيه قنديلُ الله، كحميم الذهب . v    خريف، تتعرى فيه الطبيعة ... تتيتم فيه الأوراق . v    شتاء، نومٌ بارد، كالموت . ============================ كل الفنون تتوق إلى الموسيقى. والموسيقى هي إنشاءُ الله الذي أقام الكون عليه، أسسها على الزمن، بين الصوت والصمت، ثم خُلِقت الحركة -المرادفة للموسيقى-: الرقص. الكون راقصٌ بالموسيقى... في حركة جسيمات الذرة، والكواكب... لستُ موسيقيًا، وإلا لعملت على إخراج جديد للفصول الأربعة، سأمزج الفصول مع بعضها، لن أدع الزمن يتنقل بنا كما نريد... التمرد على فيفالدي في الفصول الأربعة هو: v    تمردٌ على الحياة، v      توقعٌ للحاضر، v      ورسمٌ للمستقبل ... ============================ الصمت... شتاءٌ أبيض، وبارد جدًا على نمو الأزهار. الصوتُ المُختفي في قاع حنجرتك... ربيعٌ غائب. لقاءُكِ ... صيفٌ دافئ، وشاطئ. غيابك...شبحُ الخريفٌ، هواء هش، وتلالٌ صفراء، أو حمراء –

تلوم عليا ازاي يا سيدنا؟

صورة
ذوبان - لكوثر الحارثي. عندما تتحدث عن الشعر أو الموسيقى والفن وتربطه بتعريف معين يسعدني أن أقف أمامك وأصرخ في وجهك بأنك كاذب... لا يمكنك أن تحاكم أو تؤطر جمال الموسيقى، ولا الشعر أو الفن... لا يمكن -لأي كائن-أن يصف شعورا يلتبس الصوفي عند حضرته، أو رعشة الاستماع الأول لموسيقى جميلة، والنظر إلى لوحة ذوبان في معرض "الفن جنون" {على الرغم من كرهي لاستعمالهم اللوحة في إعلان المعرض} . إذا أردت أن تعرف شيئا قليلا عن الجمال اقرأ بعضا من قصائد مظفر النواب [وتريات ليلية مثلاً]، ستجد السياسة، والبذاءة، والتذمر من الحياة بجانب الأمل، والغزل الفاحش، والبحث عن الذات، والتصوف... وكأن النواب قد وضع لنفسه تعريفاً جديداً للشعر في كل جزء، أو مقطع يكتبه في قصيدته... ستلمس بعض الجوانب فقط في شعر مظفر النواب، وقد تتقيأ جانباً آخر [وهذا لا يلغي شاعرية مظفر، فكل شخص سيلمس الجانب الذي يستطيع أن يشعر به] ... " مالكش حق تلوم عليا تلوم عليا ازاي يا سيدنا \ وخير بلادنا ماهوش في ايدنا؟ قولي عن أشياء تفيدنا \ و بعدها بقى لوم عليا " والجمال أكبر .

عصفور الله

صورة
في شقاوتي لم اترك عصفورا بحاله، كنتُ أبحث عن أعشاشهم في فتحة صغيرة بين المكيف والجدار، وداخل الرمانة ذات الأغصان الرقيقة والكثيفة -كالعُش تماما-... لم أسرق يوما عصفورا لا يملكُ ريشاً، كنت أزورهم باستمرار في عشهم وانتظرهم حتى يكبروا، ثم آخذهم وعشهم إلى مكان في ساحة البيت الخلفية. لا تطوله القطط. جهزته لهم ببذور الرز  وفتات الخبز. والعش، آخذه معهم، فأبواهم عصفوران كبيران، قادران على تحمل هذه الأرض وحرها... وأنا أيضاً، لا أحب أن أمزق البيوت.  سرقت الكثير من الأبناء والعشوش، حاولت تربيتهم، ولكن دائما ما ينتهي الحال بأن أصرخ في وجه العصافير التي لا تنفك عن خذلاني، والموت... حتى يَئستُ العصافير. واليوم، أنا عصفور الله.

قطرة دم

صورة
مشى قاصداً بنك الدم في مستشفى الجامعة، كان يرى نفسه ناسكا في رحلة حج، يلبس الإحرام، يقوده الإيمان بمنح الأرواح المُنهكة حقها في الحياة بعيدا عن تفسيرات الفلسفة، والعقل، والمنطق؛ فالعشق يُسَيرُ الإنسان نحو العطاء، ولا يحتاج لتبريرات وتفسيرات . دخل لبنك الدم، ووجد ممرضة تعامله بآلية : - انتظر هنا ... اقرأ هذي الورقة ... عبئ هذه الاستبانة ... هل تشتكي من أي مرض؟ ! - لا - هل تناولت إفطارك وغداءك ؟ ! - نعم (يكذب متساهلا) . - جيد ... سأقيس ضغط الدم ... جميل، يمكنك الآن التبرع بالدم . أ خذ جرعة المُخدر، ثم تم توصيل أنبوب في عرق يده اليسرى ليسيل النزيف من خلاله إلى الكيس... الوضع مستقر لعدة دقائق، ثم بدأ يشعر بدوار خفيف... وفجأة... غاب عنهم كما غابت أطلنتس في قاع المحيط، لم يغفر لها مَعبَدُها المُمَجد لإله البحر من الغرق... سَقطَ في الفراغ بجسده المُتصلب. ارتحل بعيداً، بعيدا جداً... لم يرى شيئاً أمامه. يُبصر البياض حين يفتح عيناه، ويكسو بصره السواد إذا أغلقها. تجلت أمامه الثنائيات بدون الملائكة والشياطين . نطق بتعجب: "لا أرى شيئاً". تنتبه الممرضة لجملته